أخي المسلم تأمل هذا الكلام بارك الله فيك إذا أردت أن تحصل على خيري الدنيا والآخرة :
يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - : (إذا أردت الانتفاع بالقرآن، فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألق سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه، منه إليه؛ فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) (قّ:37)؛ وذلك أن تمام التأثير لمَّا كان موقوفًا على مؤثر مقتضٍ، ومحلٍ قابل، وشرط لحصول الأثر، وانتفاء المانع الذي يمنع منه؛ تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه وأدله على المراد؛ فقوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى) إشارة إلى ما تقدم من أول السورة إلى ههنا، وهذا هو المؤثر. وقوله: (لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ) فهذا هو المحل القابل؛ والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله، كما قال تعالى: (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً) (يّـس: 69، 70)، أي: حي القلب. وقوله تعالى: (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ) أي: وجه السمع، وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له، وهذا شرط التأثر بالكلام. وقوله تعالى: (وَهُوَ شَهِيدٌ) أي: شاهد القلب والفهم، ليس بغافل ولا ساهٍ، وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير وهو سهو القلب وغيابه عن تعقل ما يقال له والنظر فيه وتأمله. فإذا حصل المؤثر - وهو القرآن - والمحل القابل - وهو القلب الحي - ووجد الشرط - وهو الإصغاء - وانتفى المانع - وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه إلى شيء آخر - حصل الأثر، وهو الانتفاع والتذكر» (كتاب الفوائد).